
كشفت صحيفة ديلي ميل البريطانية في تقرير لها بعنوان “علماء الآثار يكتشفون نقشًا صخريًا مصريًا نادرًا يكشف أسرار الملوك القدماء” عن اكتشاف أثري حديث في محافظة أسوان، حيث عُثر على نقش صخري نادر قد يسهم في توضيح بعض أسرار الملوك في العصور القديمة.
اكتشاف يعود لقبل بناء الأهرامات الأولى
وأفادت الصحيفة أن الباحثين اكتشفوا نقشًا محفورًا على صخرة بالقرب من مدينة أسوان، ويُعتقد أن تاريخه يعود إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد، أي قبل قرون عدة من تشييد الأهرامات الأولى.
كما أوضحت ديلي ميل أن النقوش التي وُجدت محفوظة بشكل ممتاز، حيث تُظهر شخصية جالسة على قارب مزخرف، تجريه خمسة أشخاص آخرين بينما يقود أحدهم بمجداف.
ونوهت الصحيفة إلى أن هذه الشخصية تحمل سمات الملوك المصريين الأوائل، مثل اللحية الطويلة المدببة التي كان يرتديها الفراعنة.

تم العثور على هذه المنحوتات بالقرب من مدينة أسوان جنوب مصر، بالقرب من الضفة الشرقية لنهر النيل.
وفقًا لدراسة جديدة نشرت في مجلة الآثار، فإن هذه الشخصية الجالسة تمثل أحد أفراد النخبة السياسية والعسكرية في مصر القديمة من عصر الأسرة الأولى.
كانت تلك الفترة بمثابة نقطة تحول حاسمة للمصريين القدماء حيث تم توحيد البلاد سياسيًا لأول مرة، مما أدى إلى تشكيل الدولة المصرية في عهد الفرعون الأول مينا نارمر في عام 3100 قبل الميلاد.
رغم ذلك، يؤكد الباحثون أن هذه الشخصية ليست الفرعون نارمر، مما يُبقي على لغز هويتها الحقيقية كواحدة من هذه النخبة المحاربة.
تم العثور على هذا النحت الرائع في نتوء كبير من الحجر الرملي، في منطقة كانت تُستخدم كمحجر منذ عام 330 قبل الميلاد وحتى الآن. وقد وُجدت العديد من النقوش من فترات تاريخية مختلفة حول المحجر، لكن هذا الاكتشاف هو الأول الذي يعود تاريخه إلى الأسرة الأولى.

تم تصوير القارب في النحت وهو متجه نحو الشمال، مما يعني أنه يتجه للأعلى على نهر النيل. ويشير الباحثون إلى أن هذا الأمر قد يفسر وجود الشخصيات الخمسة التي تسحب القارب.
تُعتبر الزخارف الفنية للقوارب من العناصر الأكثر شيوعًا في الفن المصري القديم، ويقول عالم المصريات الدكتور دوريان فان هول: “القارب موجود في كل مكان، ويحمل معاني أيديولوجية ورمزية معقدة.”
تمكن الدكتور فان هول من تحديد عمر النقش بناءً على المقارنات مع رسومات سفن من فترات تاريخية أخرى، مما يشير إلى أن هذا العمل قد نُحت خلال الفترة التي شهدت انتقال مصر إلى عصر الأسرات المبكرة بعد توحيدها.
تعتبر هذه المرحلة نقطة انطلاق ثقافية هامة، حيث ظهرت الهياكل السياسية الأولى وتطورت الكتابة، على الرغم من أن كيفية حدوث هذا التحول يبقى لغزًا لم يُفكك بالكامل.
ومع ذلك، تُظهر الرسوم التوضيحية خلال هذه الفترة تحول الصور، حيث تحل صور الشخصيات الرئيسية التي تعلوها الريش مكانها صورًا لشخصيات ترتدي تيجانًا، مما يدل على تركز السلطة في يد السلطات المحلية.
لكن الأدلة تشير إلى أن هذه العملية لم تكن سلمية، بل اتسمت بالعنف. وفقًا للدكتور فان هول، فإن تشكيل الدولة في مصر القديمة والعمليات التي أدت إلى ذلك لا تزال تمثل موضوع دراسة معقدًا.
هذا النحت يمثل رؤية قيمة لكيفية تأثير النخبة السياسية على المجتمع وإعلان قوتها، كما أنه يحمل تشابهًا قويًا مع الصور الرسمية من بداية عهد الفرعون نارمر، مما يدل على أنه قد يكون تم تكليفه من قبل شخصية مهمة في ذلك الوقت.
لكل هذه الأسباب، فإن هذا الاكتشاف يمثل إضافة هامة للإرث الفني والآثاري الذي يمكن أن يساعدنا في فهم أعمق لتحولات مصر القديمة وأهمية الفنون الصخرية في التعبير عن الأحداث الحاسمة التي أدت إلى تشكيل الدولة المصرية.