غياب الدور وتحقيق في مصداقية الجهات المعنية: تفاصيل عاجلة من الأخبار المحلية

غياب الدور وتحقيق في مصداقية الجهات المعنية: تفاصيل عاجلة من الأخبار المحلية

ركود النشاط الحزبي بعد الانتخابات: غياب الدور ومساءلة الصدقية

في الوقت الذي كان الأردنيون يتطلعون فيه إلى انتعاش الحياة الحزبية استجابة لرؤية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حول تحديث المنظومة السياسية وتعزيز مشاركة الأحزاب، نلاحظ مشهدًا محبطًا يصعب تجاهله: يظهر ركودٌ ملحوظ وتراجعٌ كبير في النشاط الحزبي بعد الانتخابات، وكأن الأحزاب لم تُؤسَّس لتحقيق أهداف وطنية، بل كانت مجرد وسيلة للوصول إلى البرلمان. لقد شهدت الساحة السياسية قبل الانتخابات النيابية الأخيرة نشاطًا حزبيًا ملحوظًا، تمثل في تنظيم البرامج، وعقد المؤتمرات، والندوات، ومحاولات استقطاب المواطنين للانخراط في العمل الحزبي. كان من المتوقع أن يكون هذا الحراك بداية لنهضة حزبية حقيقية تُعيد ثقة المواطنين بالعمل السياسي، وتسد الفجوة التي خلفتها التجارب السابقة. إلا أن ما حدث بعد الانتخابات كان عكس التوقعات تمامًا.

انخفاض التفاعل الحزبي بعد الانتخابات

تتجلى دلالات الركود بعد الانتخابات في النقاط التالية: أولاً، غياب الاستمرارية وازدواجية الأهداف، حيث يعكس النشاط الحزبي الموسمي أن الكثير من الأحزاب لم تعتبر العمل الحزبي مشروعًا وطنيًا طويل الأمد، بل أداة انتخابية بسيطة. هذا الركود يشير إلى فصام واضح بين الشعارات والممارسات، بين ما تم الترويج له من برامج وما تم تنفيذه بالفعل. ثانيًا، انعدام الشفافية والانشغال بالمكاسب، حيث انغمس بعض الأحزاب الفائزة في توزيع المناصب والفرص بدلًا من الانشغال بقضايا الوطن وهموم المواطنين. ولنتساءل، هل كان الفوز هو الغاية الأساسية؟ وأين ذهبت البرامج المتعلقة بالتنمية ومكافحة الفقر والبطالة التي تم الترويج لها خلال الحملات الانتخابية؟ ثالثًا، أثر هذا الأمر بشكل سلبي على ثقة الشارع، حيث أصبح الأردنيون أكثر حذرًا وأقل حماسة تجاه العمل الحزبي، مما أدى إلى اعتقاد البعض بأن بعض الأحزاب إما حُلّت أو جُمّدت. هذا الأمر دفعهم لتأسيس منتديات وملتقيات سياسية جديدة لإثبات وجودهم في الساحة.

وزيادة على ذلك، كان يُفترض أن يحدث بعد الانتخابات مراجعة حقيقية للفشل الذي أفرزته القوائم العامة وفوزها بمقاعد متدنية. كان يجب إطلاق خطط تنفيذية لتحقيق ما وعدت به الأحزاب في برامجها الانتخابية، وإنشاء مكاتب حزبية في المحافظات لتعزيز التفاعل مع قواعدها الشعبية. كذلك كان من المهم إصدار تقارير دورية عن أداء النواب داخل المجلس، وربط هذا الأداء بالوعود الانتخابية. ولا بد من ممارسة رقابة جدية على الحكومة وتقديم حلول وطنية لقضايا المواطنين، بالإضافة إلى الحفاظ على تواصل مستمر مع المواطنين لتطوير البرامج بناءً على التفاعل الميداني.

لقد كان جلالة الملك عبدالله الثاني سباقًا في التأكيد على أهمية تطوير الحياة السياسية، وخص الأحزاب بدور محوري في بناء الدولة الحديثة من خلال إطلاق مشروع التحديث السياسي. ومع ذلك، فإن تباطؤ الأحزاب في ترجمة هذه الرؤية عمليًا يهدد جوهر الإصلاحات المرجوة، ويثير تساؤلات عديدة حول مدى قدرة هذه الأحزاب على القيام بدور فاعل ومستدام. إن الركود الحزبي ليس مجرد ضعف تنظيمي، بل هو مؤشر على اختلالات عميقة في بنية الأحزاب وأولوياتها، ويعكس حاجة ملحة لمراجعة شاملة وتعديل بوصلتها نحو المصلحة الوطنية بدلاً من المكاسب الفردية.

في النهاية، يجب أن يعي الجميع أن الشعوب لا تُخدع طويلاً، وثقة الأردنيين ليست ورقة تتلاعب بها الأحزاب في موسم انتخابي، بل هي علاقة تُبنى على الالتزام والاستمرارية والمصداقية. يبقى السؤال مفتوحًا: هل تدرك الأحزاب أن ميدانها الحقيقي يبدأ بعد الانتخابات، لا خلالها فقط؟

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *