نمو السيارات الكهربائية في الإمارات
في أحد شوارع العاصمة الإماراتية أبوظبي، كان المواطن محمد المهيري يسير بهدوء في سيارته الكهربائية الجديدة، وهي ظاهرة تكررت بشكل متزايد في الأشهر الأخيرة مع تزايد انتشار المركبات الكهربائية في البلاد.
تغيرات في أساليب النقل
يقول المهيري، موظف حكومي يبلغ من العمر 34 عاماً: “شعرت بالشك في البداية، لكن بعد التجربة، أدركت أن هذه السيارات أكثر كفاءة، وأقل استهلاكاً للطاقة، وصديقة للبيئة، فضلاً عن تكاليف صيانة أقل بكثير من السيارات التقليدية.”
تستخدم الإمارات العربية المتحدة السيارات الكهربائية كجزء من استراتيجيتها الوطنية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، مع تطوير بنية تحتية تدعم التنقل المستدام، والتي تتلقى دعمًا من السياسات الحكومية المشجعة، والتقدم التكنولوجي، وبدء تصنيع السيارات الكهربائية محلياً.
وفقاً لبيانات وزارة الطاقة والبنية التحتية، تجاوز عدد السيارات الكهربائية المُسجلة في الإمارات 52 ألف مركبة بنهاية النصف الأول من عام 2025، مقارنةً بـ 32 ألف في عام 2023، مما يشير إلى نمو بنسبة 62.5% في أقل من عامين. كما زاد عدد محطات الشحن إلى أكثر من 1300 محطة في مختلف الإمارات، مما يعكس تسارع توسيع البنية التحتية اللازمة.
في مدينة خليفة الصناعية بأبوظبي، تم تشغيل خط الإنتاج في مصنع “إمارات موتورز” للسيارات الكهربائية منذ بداية العام الجاري، مع قدرة إنتاجية سنوية تصل إلى 10 آلاف مركبة، وهو المصنع الأول من نوعه في البلاد.
صرح خالد السويدي، المدير التنفيذي للمصنع، لوكالة أنباء: “نحن لا نصنع مركبات فقط، بل نؤسس لصناعة وطنية مستدامة تساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية وتوفير فرص عمل تقنية عالية.” وأشار السويدي إلى أنهم يستخدمون تقنيات متقدمة في البطاريات مع الحفاظ على أعلى معايير الكفاءة والأمان، ويعملون بالتعاون مع شركاء دوليين لضمان تنافسية منتجاتهم في الأسواق الإقليمية. كما يهدف المصنع إلى زيادة الإنتاج إلى 20 ألف مركبة سنوياً بحلول 2027، مع تقديم نماذج مخصصة للاستخدام التجاري.
من جهة أخرى، أطلقت هيئة الطرق والمواصلات في دبي خطة لتحديث أسطول مركبات الأجرة ليكون 100% كهربائياً وهجيناً بحلول عام 2030، كما شرعت بعض الجهات الحكومية في استخدام سيارات كهربائية في القطاعات الخدمية، مما يعكس التزام القطاع العام بالتحول نحو الطاقة النظيفة.
تقول المواطنة سارة النقبي، التي اشترت سيارة كهربائية في أوائل 2024: “أشحن سيارتي في المنزل ليلاً، وتكفي الشحنة الواحدة لأكثر من 400 كيلومتر. القيادة أصبحت أكثر هدوءاً ومتعةً، والأهم أنني أشعر أنني أساهم في حماية البيئة.”
يؤكد الخبراء أن الحوافز مثل الإعفاء من رسوم التسجيل وتوفير مواقف مجانية ودعم محطات الشحن قد ساعدت في تسريع تبني هذه التقنية. وفقاً لتقرير مشترك صدر حديثاً، من المتوقع أن تصل حصة السيارات الكهربائية إلى نحو 30% من إجمالي المركبات في الدولة بحلول عام 2030، مما يمثل نموًا مضاعفًا خلال خمس سنوات.
وفي هذا السياق، اعتبر أحمد الزعابي، خبير التنقل المستدام، أن الإمارات قد أصبحت نموذجاً إقليمياً في دمج الاستدامة بالسياسات الاقتصادية والصناعية، حيث تعتبر السيارات الكهربائية ركيزة أساسية في مستقبل النقل الحضري. وبفضل هذا الزخم، تستمر الإمارات في تعزيز مكانتها كوجهة واعدة في صناعة وتبني وسائل النقل الذكية والمستدامة، بما يتماشى مع توجهات الاقتصاد الأخضر وتحسين جودة الحياة للأجيال القادمة.