
العدوان الإسرائيلي على دمشق: تصعيد يتطلب تحركاً عربياً فعّالاً
كتب اللواء المتقاعد د. موسى العجلوني * في اعتداء غير مبرر، قامت إسرائيل بشن غارات جوية مكثفة على العاصمة السورية دمشق، موجّهةً ضربات لمقارّ حكومية وعسكرية، من بينها وزارة الدفاع ومحيط القصر الرئاسي، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. جاء هذا التصعيد في وقت يشهد فيه جنوب سوريا، وبالتحديد محافظة السويداء، اضطرابات داخلية، ما يعكس محاولة إسرائيل فرض واقع جديد على سوريا، على حساب سيادتها ووحدتها.
التدخل الإسرائيلي بحجة “حماية الأقليات الدرزية” في السويداء، هو ذريعة غير مقنعة، فكيف يحق لكيان خارجي التدخل في شؤون دولة أخرى، بينما هو يحتل أراضٍ ويرتكب مجازر بحق الفلسطينيين في غزة؟ المراقبون يرون أن هذه الغارات تعكس طموحات إقليمية توسعية من قبل إسرائيل، تسعى للضغط على الحكومة السورية بهدف تغيير مستقبلها السياسي. ربما تكون أيضاً محاولات لامتصاص غضب الرأي العام داخل إسرائيل بعد الضغوط السابقة التي تعرضت لها قوات الاحتلال.
تداعيات التصعيد على أمن المنطقة
هذا التصعيد ينذر بتفشي الفوضى في جنوب سوريا، ويعطل الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية. كما أنه يجدد احتمالية تدويل النزاع السوري بعد فترة من الهدوء النسبي، ويهدف إلى منع الحكومة السورية الجديدة من التقدم في عملية إعادة بناء الدولة. قصف دمشق، برمزيتها التاريخية، قد يتم استخدامه لاحقًا كذريعة لاستهداف عواصم عربية أخرى تحت ذريعة الأمن.
فيما يتعلق بالموقف العربي، فقد أدانت عدة دول، من بينها الأردن ومصر والعراق وقطر والسعودية ولبنان والكويت، الغارات على دمشق. لكن هذا الإدانات تأتي بلا إجراءات فعّالة على الأرض، حيث لم يتم الاستجابة للدعوات لعقد اجتماعات طارئة أو لمراجعة العلاقات مع إسرائيل. على الصعيد الدولي، عبّر الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عن القلق، بينما تجنبت واشنطن انتقاد إسرائيل بشكل مباشر، محذرةً فقط من مخاطر التصعيد.
في الختام، استمرار الصمت العربي يُعتبر تهديدًا لتحريك القضية السورية وأيضًا لمكانة القرار العربي. يتطلب الأمر تحركًا فعليًا من الدول العربية يتجاوز الكلمات، من خلال تجميد العلاقات مع إسرائيل وتعليق التعاون العسكري والاقتصادي في حال استمرار العدوان. دمشق ليست مجرد عاصمة، بل تمثل رمزًا لكرامة الأمة العربية وسيادتها، ومن الضروري ألا نُركن في انتظار غد قد يشهد مزيدًا من العدوان على عواصم عربية أخرى.
* الكاتب عضو المكتب السياسي ورئيس المجلس الاجتماعي/حزب المستقبل والحياة الأردني.