
التحول القانوني في المملكة العربية السعودية
يعد “الإصلاح القانوني” عنصراً أساسياً لتحقيق أهداف “رؤية 2030” وتهيئة مناخ تشريعي مناسب لكلا النمو والاستدامة. هذه الرؤية الشاملة تستند إلى إعادة تشكيل الاقتصاد والمجتمع بأسس عصرية. ولقد أدركت القيادة الحكيمة أن التقدم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية يتطلب أيضاً تطور الأمور التشريعية والقضائية، وبالتالي تم تنفيذ سلسلة من الإصلاحات القانونية والتنظيمية خلال الأعوام القليلة الماضية.
شملت هذه الإصلاحات تحديثات جذرية في العديد من الأنظمة الأساسية، ومنها:
– إصدار نظام الشركات الجديد، الذي أعاد تنظيم الإطار القانوني للكيانات التجارية بما يتماشى مع مبادئ الحوكمة والشفافية.
– تطوير نظام الإفلاس ليعطي حماية عادلة لكلا الدائنين والمدينين، مشجعاً على إعادة الهيكلة بدلاً من التصفية الفورية.
– تعزيز التشريعات الخاصة بمكافحة الجرائم المالية من خلال تحديث نظام مكافحة غسل الأموال بما يتوافق مع المعاهدات الدولية.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل شهد القطاع العدلي تحسناً كبيراً بفضل التحول الرقمي الذي قادته وزارة العدل، حيث تم إطلاق خدمات إلكترونية متقدمة عبر منصة “ناجز”، واعتماد أدوات التقاضي عن بُعد. هذه الخطوات أسهمت في تقليص مدة النزاعات وتسهيل وصول الأفراد والشركات إلى العدالة.
بالإضافة إلى ذلك، تم التركيز على تعزيز بدائل تسوية المنازعات، مثل إنشاء مراكز للتحكيم والوساطة، وتمكين المحاكم المتخصصة، خاصة المحاكم التجارية، لتكون أكثر كفاءة وقدرة على البت في المنازعات.
جاءت هذه الإصلاحات أيضاً مصحوبة بأهمية تأهيل الكفاءات الوطنية في المجالات القانونية عبر برامج تدريبية موجهة للمحامين والقضاة والمستشارين القانونيين، بهدف ضمان استدامة هذه الإصلاحات وتوظيف الخبرات القانونية المتطورة.
التحول التشريعي
إن “التحول القانوني” في المملكة لا يقتصر على مجرد تحديث النصوص أو إعادة تنظيم المؤسسات، بل هو عملية استراتيجية تهدف إلى بناء منظومة عدلية وتشريعية حديثة. هذه المنظومة تعمل كقاعدة أساسية للتطورات الاقتصادية والاجتماعية، وتُرسخ مكانة المملكة كوجهة قانونية رائدة على الصعيدين الإقليمي والدولي. إن الجهود المبذولة في هذا السياق تعكس الالتزام بتحقيق بيئة قانونية متكاملة تعزز من التقدم والتنمية المستدامة.