
تأثير الهوايات الجديدة على صحة الدماغ مع تقدم العمر
مع التقدم في العمر، نفقد مجموعة من المهارات التي قد تكون متوقعة، مثل القدرة على البقاء مستيقظين طوال الليل، ولكن هناك خسائر أخرى، مثل تباطؤ الفهم في المحادثات التي تدور في أماكن مزدحمة، والتي قد تكون أكثر تأثيراً علينا. لكن يبدو أن هناك وسيلة غير متوقعة لمواجهة هذه الظواهر: تبني هواية جديدة.
فوائد التدريب العقلي
تشير الأبحاث إلى أن ممارسة مهارة جديدة تعزز قدرات الدماغ على التعامل مع الضوضاء. على سبيل المثال، أظهرت دراسة نشرت في مجلة PLOS Biology أن كبار السن الذين مارسوا العزف على الآلات الموسيقية لفترات طويلة يتمتعون بقدرات عقلية أعلى مقارنة بأقرانهم الذين لم يتلقوا أي تدريب موسيقي. في اختبارات الدماغ، أظهر هؤلاء الموسيقيون نشاطًا دماغيًا مشابهًا لنشاط شباب في منتصف العمر، خاصة في قدرتهم على فهم الكلام وسط الضوضاء. عندما وُضع الموسيقيون في بيئة مملوءة بالضوضاء، تبين أن أدمغتهم كانت أكثر تركيزًا واستجابة. فبينما يعاني معظم الناس من تراجع كفاءة الدماغ مع التقدم في العمر، حافظ الموسيقيون على مرونة عقولهم، مما يسهل عليهم التفاعل بشكل أكثر فعالية مع بيئتهم.
تتعلق هذه النتائج بمفهوم علمي يُعرف “بالاحتياطي المعرفي”، حيث يمكن أن يعزز التدريب على العزف على الآلات الموسيقية الشبكات العصبية في الدماغ، مما يساعد على منع تدهورها. وأثناء ممارسة الموسيقى، تُستخدم نظم عصبية متعددة، كالسمع والحركة والتوقيت، وهي النظم نفسها المطلوبة لفهم اللغة في بيئات ضوضاء عالية.
شملت الدراسة 74 مشاركًا تم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات، حيث تضم الأولى موسيقيين كبار السن، بينما تحتوي الثانية على كبار السن غير الموسيقيين، وتشتمل الثالثة على مجموعة أصغر سنًا كعينة ضابطة. خضع جميع المشاركين لاختبارات لقياس قدرتهم على التمييز بين أصوات بسيطة مثل “با” و”دا” في بيئة صاخبة. أظهرت نتائج اختبار الموسيقيين الذين تدربوا لأكثر من ثلاثين عامًا نتائج مبهرة، حيث كانت أنماط نشاط أدمغتهم أكثر تنظيماً مقارنة بالذين لم يمارسوا العزف.
ربما يبدو أن تعلم هواية جديدة في السبعين من العمر لن يستعيد الشباب، لكنه يشدد على أهمية التدريب الذهني والبدني المستمر. هذا التدريب لا يحافظ فقط على نشاط الدماغ، بل يمكن أن يؤخر ظهور أعراض الشيخوخة التي تؤثر على الكثيرين. وبالتالي، فإن ممارسة أي هواية ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل يمكن أن تكون الطريقة الأكثر فعالية للحفاظ على صحة الدماغ والحد من تأثيرات التقدم في العمر.