
السعودية تسعى لتأمين موارد الليثيوم لتعزيز صناعة المركبات الكهربائية
تكثف السعودية جهودها لتأمين موارد الليثيوم، وهو المعدن الأساسي في بطاريات المركبات الكهربائية، كجزء من استراتيجيتها الطموحة لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط وتعزيز صناعة السيارات الكهربائية. في هذا الإطار، عقدت شخصيات سعودية رفيعة المستوى محادثات عبر تقنية الفيديو مع وزير الطاقة والمناجم في بيرو، خورخي مونتيرو، لمناقشة فرص التعاون حول احتياطات الليثيوم التي تقدر بنحو خمسة ملايين طن في منطقة بونو بجبال الأنديز.
التركيز على إعادة هيكلة صناعة الليثيوم
تعتبر هذه المحادثات خطوة جديدة ضمن جهود الرياض لتعزيز سلسلة إمداد متكاملة للمركبات الكهربائية، من خلال استثمارها في الليثيوم، وهو عنصر حيوي للبطاريات القابلة لإعادة الشحن. يؤكد يونوت لازار، المستشار في شركة CRU البريطانية، أن السعودية تتعهد بتطوير قطاع البطاريات، مدركة أن خفض تكاليف الطاقة والتوسع في مشاريع الطاقة المتجددة يمثلان مزايا استراتيجية.
يجعل ما يسمى بـ “عدم الانحياز الجيوسياسي” المملكة في وضع متميز لتأسيس مركز بديل لقطاع البطاريات خارج الصين، التي تسيطر على هذا السوق في ظل التوترات التجارية والسياسية الحالية.
علاوة على ذلك، يوضح لازار أن المشروع يُعدّ شاملاً، حيث يتم تأمين الحصول على المواد الخام، وعلى رأسها الليثيوم. وقد ازداد استهلاك الليثيوم العالمي بصورة كبيرة، ومن المتوقع أن يتضاعف ثلاث مرات إضافية بحلول عام 2040.
تسعى السعودية لتوسيع شراكاتها في أميركا اللاتينية، حاليًا تُجري محادثات مع مؤسسات تعدين في الأرجنتين وتشيلي، بما في ذلك “كوديلكو”، التي تعتبر إحدى أكبر شركات الليثيوم في العالم.
على الرغم من تقلب الأسعار الأخير بسبب تباطؤ مبيعات المركبات الكهربائية، فإن المحللين يتوقعون أن يتجاوز الطلب العرض في المستقبل، ما لم تنشأ طاقات إنتاجية جديدة.
تتضمن استراتيجية المملكة في قطاع الليثيوم خطوات أكبر نحو توطين صناعة السيارات الكهربائية، بقيادة صندوق الاستثمارات العامة الذي يمتلك حصة أغلبية في شركة “لوسيد”، بالإضافة إلى إطلاق علامة “سير” بالشراكة مع “فوكسكون” و”بي إم دبليو” مع توقعات بإطلاق أولى السيارات بحلول عام 2026.
لخفض الاعتماد على الاستيراد، تستثمر المملكة أيضًا في مشاريع تكرير ومعالجة الليثيوم، حيث تم عقد شراكة مع شركة “يوروبيان ليثيوم” لتكرير الليثيوم المستخرج في النمسا. كما تبني شركة “إي في ميتالز غروب” مصنعًا لمعالجة مركبات الليثيوم في ينبع.
محليًا، تدرس المملكة إمكانية استخراج الليثيوم من المياه الناتجة عن آبار النفط، حيث أظهرت الشراكة مع “معادن” و”أرامكو” نتائج مشجعة، مع تطوير مشروع تجريبي تجاري.
تتوافق هذه الخطوات مع طموح المملكة في أن تصبح مركزًا عالميًا للمعادن الاستراتيجية والعناصر الأرضية النادرة، وهو قطاع يُقدّر بقيمته المستقبلية بتريليونات الدولارات.
وفي إطار تقييم الجهود، يشير محللون إلى أن السعودية، على الرغم من نقص الخبرة في تعدين المعادن الثقيلة، تعمل على تعزيز خبراتها عبر شراكات استراتيجية. يشير المحللون إلى أهمية تطوير سلسلة إمداد جديدة بالكامل باعتبارها بداية لرحلة طويلة نحو تحقيق الأهداف الطموحة للمملكة في هذا القطاع الحيوي.